نهاية مُخجلة ومتوقعة لقنوات التحريض والكراهية !
حسنا فعل مجلس ادارة المنطقة الحرة الاعلامية في اجتماعه الذي انعقد يوم الاثنين 11-10-2020 حينما قرر فيه إيقاف بث قناة " الناس"، بشكل مؤقت اعتباراً من الخميس 14-10-2010، وذلك بسبب" مخالفة الشركة لشروط الترخيص الممنوح لها على الرغم من إنذارها عدة مرات، وسيستمر الإيقاف لحين" توفيق الشركة لأوضاعها وقيامها بإزالة أسباب المخالفة " كما جاء في نص البيان .
كما تقرر ايضا إيقاف قنوات ال" خليجية " و" الحافظ " و" الصحة والجمال " التابعة لشركة البراهين العالمية لذات الأسباب التي دعت لايقاف قناة الناس والتي تتعلق في مجملها لمخالفتهم لشروط الترخيص الصادر لهما ، ثم اتخذت بعد ذلك إدارة القمر الصناعي المصري " نايل سات "، الجمعة، قرارها الصائب وال " مُنتظر" بايقاف بث قناة صفا الفضائية، لتلتحق بهذه القنوات التي اغلقت هذه الايام .
من جهته اعتمد أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار القرارات الصادرة عن مجلس الادارة، حيث اكد على " ضرورة التزام جميع القنوات الفضائية بآداب وأخلاقيات العمل المهني وبميثاق الشرف الإعلامي في كل ما تبثه على شاشاتها، انطلاقاً من أن حرية الرأي والتعبير تنتهي حدودها عند التسبب في إحداث الضرر أو الأذى للمجتمع أو للمتلقي بشكل عام".
بعد يوم من قرار مجلس ادارة المنطقة الحرة الاعلامية اصدر عدد من رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة وكبار الكتاب ورجال القانون في مصر بيانا مشتركا الثلاثاء 12-10-2010 مطالبين فيه بسرعة إصدار قانون يعاقب على ممارسة التمييز على أساس ديني أو عرقي أو عقائدي ، كما طالب البيان بضرورة" منع المناظرات بين الأديان والمناقشات التى تتناول العقيدة الدينية في المنابر العامة أو نقلها من خلال الصحافة وأجهزة الإعلام والفضائيات، والالتزام بعدم الانحياز إلى الدعوات العنصرية أو المتعصبة أو المنطوية على امتهان الأديان أو الدعوة إلى الكراهية أو الطعن في إيمان الآخرين أو تلك الداعية إلى التمييز أو الاحتقار لأي من طوائف المجتمع".
واوضح بخصوص هذا البيان نقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد في تصريحات صحفية لـ" العربية.نت " الى ان " لابد من التصدي للمخاطر التي تواجه الوطن مع تعالي نبرة الفتنة الطائفية ووضع ضوابط لتفعيل ميثاق الشرف الصحفي فيما ينشر بشأن العقائد والتصريحات الطائفية مطالبا بتشكيل لجنة من شيوخ مهنة الصحافة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات والدعوة لمؤتمر وطني جامع للوحدة الوطنية و حقوق المواطنة".
الى ذلك أعلنت الحكومة المصرية أنها بصدد مراجعة القنوات التلفزيونية التي تبث على القمر المصري " نايل سات " للتأكد من التزامها بتعاقداتها بعدم بث مواد ذات طبيعة دينية متطرفة أو تدعو إلى الطائفية أو العنف، ويرى الكثير من الخبراء والمختصون الى ان مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية يقوم حاليا، وبعد الصخب الطائفي، بإعداد مراجعة للضوابط العامة والخاصة للعمل بالمنطقة الإعلامية، وإضافة بعض الضوابط العامة والمبادئ التي يتعين على جميع القنوات الفضائية مراعاتها مستقبلاً فيما تقدمه على شاشاتها، وذلك بهدف ضمان مزيد من الالتزام من جانب القنوات بميثاق الشرف الإعلامي ومبادئ العمل بالمنطقة.
وهو اجراء ياتي في سياق إعادة ترتيب النايل سات، ووقف كل ما من شأنه إثارة الفتنة أو الاحتقان بين المشاهدين العرب، خصوصا بعد ظهور قناة فدك الفضائية للشيعي الشيخ ياسر حبيب الذي قام فيها بالتهجم الصريح على ام المؤمنين عائشة وبعض من صحابة رسول الله صلى الله عليه واله، كردة فعل طبيعية " كما قلت سابقا في مقالة " لم العجب ! قناة صفا انتجت قناة فدك " لقنوات التكفير والتحريض كقناة صفا وقناة الحكمة التي تتهجم على الشيعة وتُسفه عقائدهم وتحرّض على الكراهية والعنف ضدهم .
وفي هذا الصدد اعلن وزير الإعلام المصري أنس الفقي في تصريح للصحفيين إنه" أصدر تعليماته بإعادة مراجعة القنوات التلفزيونية التي تبث على القمر المصري نايل سات والتأكد من أنها تلتزم بتعاقداتها مع إدارة المنطقة الإعلامية الحرة ومع إدارة نايل سات والتزامها ببنود التعاقد"، مُذكرا بان " القنوات ملزمة بحسب تعاقداتها بعدم بث مواد ذات طبيعة دينية متطرفة أو تدعو إلى الطائفية أو العنف، وكذا مراجعة محتوى بعض هذه القنوات ومدى اتفاقه أو تعارضه مع مواثيق الشرف الإعلامي".
وفي خضم هذه الازمة وفي اشارة واضحة للقنوات الفضائية التي تحرض على الطائفية بين السنة والشيعة انتقد شيخ الازهر الدكتور أحمد محمد الطيب ،في الحوار الذي أجراه معه الصحافي اللبناني جهاد الزين ونشرته جريدة "النهار" الصادرة في بيروت، الجمعة 15-10-2010، بعض الفضائيات العربية بسبب ما تثيره من انقسامات بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي، مبينا رفضه القاطع لتكفير الشيعة في تلك الفضائيات قائلاً " هذا شيء مرفوض وغير مقبول، ولا نجد له مبرراً لا من كتاب ولا سنة ولا إسلام. نحن نصلي وراء الشيعة".
والقرار الذي اتخذته النايلست كان مُنتظرا ومنطقيا وطبيعيا الى حد كبير، فمن غير الممكن والمعقول ان يتم الغاء بث قناة فدك بعد يومين من انطلاقها، ثم تُترك قنوات اخرى تؤدي الى التحريض وبث الكراهية واشاعة الفرقة والاختلاف كقناة صفا ووصال والحكمة وغيرها من الفضائيات التي تعتاش على اثارة الاحقاد ونوازع الطائفية وتتاجر باحاسيس ومشاعر الانسان الداخلية وعواطفه الدينية .
ولايجب ابد اعتبار هذه الخطوة تكميما للافواه او تضييقا للحرية الدينية او اعتبار الخطوة قضية سياسية تتعلق بمصر ومايحدث فيها كما حاول بعض بسطاء التفكير التلويح بذلك والخلط بينها وبين الاجراءات التي اتخذت في هذا البلد كتوقف برنامج "القاهرة اليوم" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب ثم الصدام بين إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة "الدستور" والدكتور السيد البدوي رئيس مجلس الإدارة ، مرورا بقرار حظر بث وإذاعة فعاليات المحاكمات وتحقيقات النيابة وقرار وقف بث رسائل الأخبار الـ"sms" إلا بعد حصول الشركات على تراخيص، فكل هذه الامور لاترتبط باغلاق هذه القنوات وليس لها صلة لا من قريب ولا من بعيد بها .
فمن الواضح ان اغلاق هذه القنوات يرتبط بالابعاد والنتائج السلبية الطائفية التي نتجت عنها مستغلة ومتذرعة بحرية التعبير، وقد ادراك رئيس الهيئة العامة للاستثمار أسامة صالح مايجول بخاطر بعض من هؤلاء فرد عليهم بالقول ان " حرية التعبير لا تعنى تقديم مواد علمية تثير الفتن والكراهية أو تنشر ماهو غير صحيح علميا أو فكريا أو عقائديا بين الناس وإنما الاستفادة من ارتفاع سقف الحريات لتحقيق ما فيه نفع الوطن وصالح المواطنين ".
ومن البديهي، وفقا لذلك، ان تبادر النايلسات الى اغلاق تلك القنوات ولجمها بعد ان تمادت في غيّها وسرحت في ضلالها البعيد وهي تحاول تأجيج مشاعر العامة والبسطاء من الملسمين بعضهم ضد بعض في وقت يعاني فيه العالم العربي والاسلامي من تدهور خطير في الكثير من الجوانب السياسية والعلمية والاخلاقية والوطنية .
مهند حبيب السماوي