«سالوفة» عن هند تخصُّني، علي وجيه

أنتم جميعا يا أصدقائي !

أُخرجوا من جُرحي منفلتاً بعدَ آخر

فلن أُهدي لكم قصائدَ بعدَ الآن

ولن أعيركم الكُتب بعد اليوم [ حتّى لو كان عندي منها نُسختان ]

وابتعدوا قليلاً عن قلبي :

ثمَّة قنبلةٌ ستنفجر فانني أنوي الكتابة عن هندٍ تخصُّني :

وهندُ يُنبوع دهشتي ؛ فأنتم تعرفونني لا أسرقُ شعراً الا من ديوان فضَّتِها

أُخرجوا جميعاً...

لكن قفوا لأُحدثكم عنها قليلاً :

قلَّبتُ جوازَ سفري ؛ خرجتِ البلدانُ منه ذُباباً بشوارعَ نظيفة ؛ وحدَها مدينتي هي التي لا تمنحني تأشيرة دخول !.... وفتَّشتُ عن ملامح هند بين أكداس النّساء التي تُلامس السَّماء ؛ فاكتشفتُ أنَّ لها ملمسَ البرق ، وعضَّةَ الطّفلِ ، و ما أعرفهُ عنها أيضاً هو أنّها لا تنظرُ لوجهي وأنا مُنذ أنْ اكتشفتُ خجلها أصبغ حذائي بعناية جواهريٍّ عجوز...

كانتْ تنهرُ جسدها ليلاً :

-"أُسكتي يا فواكهي الصَّلبة ، فلم يأتِ مَنْ يُجيدُ التَّذوَّقَ بعقلِهِ قبل اليدين"

وتلوبُ في الغُرفةِ ؛ تُقلِّبُ كتاباً يُعلِّمُ النِّسيانَ العتيد إلاّ انها تتذكّر ؛ وجسدُها أيضاً وتفكِّرُ بي : أنا مَنْ يُجيدُ التَّذوَّق بعقلِهِ قبل اليدين...

....

....

الجهلُ عظيمٌ أصدقائي ، ففي الظَّلامِ وحدَهُ تُوجَد السَّعادة

.....

.....

في شارع المُتنبّي ؛ اشترينا الكُتبَ الرَّخيصةَ،

اشتريتُ كتاباً نقديّاً ؛ أما هي فقد اشترتْ روايةً عن الغياب ، وشيئاً عن سماءٍ قريبةٍ أو ما يُشابه ابتعادَها وقربها من نهر الحرف في صَّدري الفتيّ...

واشترتْ- أيضاً - ألواناً زيتيَّةً لرسمِ ملامحي ، وطيناً اصطناعياً لخلقٍ جسدٍ رشيقٍ لي، وعقلاً أبيضَ بدلاً عن عقلي العجوز...

قُلتُ :

أينَ نذهبُ والأرض تسيرُ وراءَكِ؟

تسيرُ وراءَكِ أبواقُ السيّارات ، الشَّحاذون ، الفضوليّون ، مَنْ نسوا عقولَهم على مائدة البار ، تُضاحكين عجوزاً وتقولين :

- اذن انا خطيبتُكَ !

فيصيرُ بُركاناً أشيبَ الوجه...

أينَ أذهب؟ وعيناكِ ترنوانِ الى اللا حُبِّ في البلاد التي تُشبه الشَّجرة ونحنُ ننفرطُ حماماتِ نأيٍ من يديها...

....

......

الكرّادةُ التي تنامُ بعدَ التَّاسعة مساءً ؛ استيقظتْ معَنا ؛ فصبَّتْ لنا كهرمانةُ شيئاً من عصيرِها ، وذابتِ الأرصفة ، وابتعدَ الجَّميعُ عن الشَّارع فهمُ لم يروا هنداً التي أتكلم عنها الآن ، بل رأوا وطناً مؤنثاً يسيرُ ويبتسم حاملاً لوحةً مرسومٌ عليها : وجهاً يُشبهني...

-اعذريني لثوانٍ ؛ أريدُ أن أرى صديقاً قديماً...

الهي : لا أُجيدُ تفسير الآتي :

امرأةٌ كاملةٌ حدَّ النُّبوّة ؛

وتجعلُني أكفرُ كثيراً....!

الهي !

أنا آخرُ مخبوليكَ ، أنا غاضبٌ حدَّ اشتعال شَعري !

كنتُ طفلاً ألعبُ بالحُروفِ ، فلمَ حينَ عُلِّمتُ الأسماءَ كُلَّها ، كان اسمُ هندَ مُختبئاً وراء العرش؟...

ولِمَ لا تُرسِلُ لي إلاّ مُستحيلاتٍ مُغمَّسةً بالكلمات؟ ومثقوبو القلوب بالنعيمِ الفارغِ ينعمون؟...

لِمَ؟ أنا "عليُّـ"كَ : ختمتُ كتابَكَ تسعَ مرَّاتٍ وأُصلّي بين الحين والآخر ، وأفضحُ كلَّ من تهرّأَ وجهُهُ سُجوداً ولا يعرفُكَ!!...

فَلِمَ لا ترحم "مَنْ رأسُ مالِهِ" عيناها التي فارقتني مُذ آخر "آسفة" ؟...

الهي :

أُكابرُ أمام مَنْ يعشَقون ويُعشَقون :

-"أعشق من أجل أن أكتب شيئاً عن الحبّ لا أكثر "

ربّاه ! مُلئتُ قصائدَ ! فمتى تأتي لتكتبني؟..

ربّاه أتعبني هذا القلب ، هذا الكلب ، ! خُذهُ ، اعطِهِ لشاعرٍ متديّنٍ وان كان التبغُ قدّ هرَّأهُ ، واعطني قلباً حتّى ان كان لا يعمل علّي أُحبُّ كالتافهينَ العِظام!...

....

....

وغادرتْ هندُ

ففي المُدن التي أبوابُها وجوهٌ مُغلقة

تعيشُ الجَّميلةُ موتاً آخرَ

.....

.....

أصدقائي ؛

تعالوا ؛ سأهديكم القصائدَ ؛ وأعيركم الكُتب النادرة حتّى لو كان عندي منها نسخة واحدة :

فهذه امرأةٌ أخرى غادرت زُقاقَ الرِّبح مُتَّجهةً الى مدينة الخسارات ؛

تعالوا ، فليس لنا الا ثرثرةٌ عن نساءٍ نكتبُ عنهُنَّ ونبكيهنَّ آخرَ الليل أو القصيدة ...

موضوع جيد

لكن لم يسعفني الحض بقرائته لكن كاملا انشغالي

تحياتي

عاشت الانامل