وما يزيد جماله حديقتاه اللتان تسوران محيطه بأندر الأزهار والأشجار المنسقة.
عند دخولي القصر استقبلني مالكه الحالي السيد شهاب احمد بنية الذي رحب بي وأخذني في جولة داخل أروقته وهو يقص علي حكايته والعروض التي قدمت له لشرائه بمحتوياته حتى وصلت الى مبالغ طائلة لكنه يرفض أن يفرط به، وقال: بدأ بناؤه عام 1906 وانتهى عام 1908 واستعمل فيه الآجر والاسمنت والشيلمان، في وقت كان الطابوق الطيني (اللبن) المادة الشائعة في البناء آنذاك، مساحته أربعة آلاف متر غرق منها بحدود ألف متر بسبب الفيضان الذي اجتاح العراق في الخمسينيات (عندما حدثت فجوة في السدة التي على النهر فتدفق الماء ليغرق بغداد والمناطق المحيطة بها وعنها أخذت منطقة (الكسرة) اسمها وما زال هذا الاسم يطلق عليها حتى الآن. وأضاف:عاش في هذا القصر عدد كثير من الملوك والأمراء والمشاهير أولهم راؤول شعشوع وهو الذي تولى بناءه وبعدها الملك فيصل الأول عندما تم تنصيبه عام 1921 ولم يكن قد بنى داراً له حينما وصل بغداد، ثم شغل القصر بعده البلاط الملكي خلال وزارة ناجي السويدي.
وبعد ذلك انتقلت السيدة فرحة شعشوع شقيقة المالك لتسكن فيه، ومن بعدها شغله الزعيم الوطني (جعفر أبو التمن) وزير المالية، ومنذ عام 1953 انتقلت ملكية القصر الى السيد احمد البنية الذي اشتراه لنفسه وسكن فيه وعائلته حتى الآن.
ما لفت نظرنا خلال رحلة التجوال هي الزخارف والنقوش الجميلة التي زينت الجدران والسقوف ولا تزال صامدة كما هي برغم كل تلك السنوات ولكل غرفة وقاعة في القصر حكاية وتاريخ وذكريات تشعرك وأنت في حضرتها بانتقالك بين صفحات التأريخ، وأعجبتني كثيرا القاعة التي يطلق عليها اسم (المتحف) وتضم عدداً من صور أعيان ووجهاء بغداد القدامى وملوكها منذ تأسيس الدولة العراقية فضلا عن أدوات وقطع أثاث يعود تاريخها الى ما قبل مئة وعشرين عاما، مثل الرّحى والحب والهاون الضخم الذي يصل ارتفاعه الى أكثر من متر ونصف المتر من مادة الحديد وغيرها من الأدوات التي لم نرها من قبل، وإذا أردت ان تنزل الى السرداب الموجود في القصر(والكلام لا يزال لمحدثي) فعليك ان ترتدي معطفاً لشدة البرودة هناك!، وبعد اجتيازك سلماً من 36 درجة ترى البحيرة الصغيرة في نهاية السرداب وهي السبب في برودته وهوائه المنعش، وتجعله من أفضل غرف البيت المبردة في الصيف. الا أن ما يعكر صفو هذا الجو الرائع انتشار الكازينوهات بقربه على ضفاف دجلة والتي ترمي نفاياتها من دون أن يحاسبها احد.
--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_--_
عندما تداعب طفل وترميه للسماء فانه
يضحك لانه يعرف انك ستلتقطه قبل ان
يقع---تلك هي الثقه ---فقل دائما----
لو رمتني الاقدار فلن تتركني رحمه ربي
لتكن هكذا ثقتنا بالله
لأي استفسار راسلوني عبر البريد الكتروني
falconimmigrant@yahoo.com