أهمية الإعلام ودوره في بناء الإنسان والمجتمع
يلعب الإعلام دوراً مهماً وأساسياً في حياة المجتمع والأفراد على حد سواء وقد يتدخل هذا الإعلام إيجابياً في تربية الإنسان وتوجيهه بالوجهة التي تساهم في بناء الدولة وتقويتها كما يعمل على توثيق العلاقة الطيبة بين الحاكم والمحكوم ويحفظ حقوق الجميع، وقد يلعب الإعلام دوراً سيئاً في وخلق الفتن وإثارة الخلافات بالشكل الذي يمزق العلاقات العامة والخاصة بين الحاكم والمحكوم وبين الناس أنفسهم.
وفي عصرنا الحالي فإن إعلام اليوم ليس كإعلام الأمس خصوصاً بعد أن حدثت طفرة نوعية في عالم التكنولوجيا ونقل الخبر، فاليوم وبواسطة المحطات الإذاعية والتلفزيونية والفضائيات وشبكات الأنترنيت ينتقل الخبر الصادق والكاذب معاً وينتشر كما تنتشر النار في الهشيم.
وفي الظروف الراهنة التي يمر بها العالم اليوم يعمل الاعلامالرسمي وغير الرسمي للدول على تسييس الحقائق كما يشاء معتمداً على فرق الإعلام الأجيرة ذات الطابع الوظيفي الذي لايستند الى المبادئ والقيم، ويستطيع بمهاراته أن يزيف الحقائق ويصورها للناس كما يشاء فيظهرالحق باطلاً والباطل حقاً أحياناً أخرى، وفي كثير من الأحيان تجد أن الإهتمامات الإعلاميةتنصب في ترويج الأخبار بالشكل الذي يحقق رِضا الحكام والساسة ولايخدم الحقيقة والإنسان، وقد يثير الإعلاميون الكثير من المشاكل ويخلقوا الأزمات في صفوف الطبقات المظلومة أو المحرومة لشعوبهم بترويج الثقافة الإقصائية والتي تقف وراءها سياسات كبرى وصغرى تسعر لهيب نيران الحروب والإقتتال هنا وهناك.
طبيعة الإعلام الرسمي وغير الرسمي في هذا العصر
إن أغلب إهتمامات حكام الدول اليوم تنصبّ على الشؤون السياسة التي تضمن لهم البقاء في السلطة لفترة طويلة، وهو إعلام يقوم على مبدأ دعم الحاكم على حساب حقوق الناس وأمنهم العام، وهو إعلام لايتعدى نشر أخبار الحكام وترويج الأكاذيب لصالحهم.
ولقد اصبح الإعلام غير الرسمي اليوم والمدعوم من الدولة والحاكم يلعب دوراً كبيراً في نشر الفتن وتزييف الحقائق، ويعمل على بث الأخبار المصنّعة، ويروج هذا اعلام لمسلسلات وفنون رخيصة تستخف بعقول المواطنين، ولايخفى أن هذا النوع من الإعلام ينطبق تماماً على الإعلام العربي الرسمي في الدول العربية الإسلامية وكافة المؤسسات الإعلامية غير الرسمية كالفضائيات والصحف والجرائد والمجلات، وفي الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح وشبكات الأنترنيت، وبالطبع فإن هذا الإعلام لايختلف من حيث الجوهر عن الإعلام العالمي لكثير من الدول وأدى الى خلق الكثير من الأزمات وهدر الطاقات البشرية وعرقلة مسيرة التنمية والبناء في كثير من تلك البلدان.
الإعلام العالمي يروج لثقافة فكرية وسياسية إقصائية
لقد بات الإعلام اليوم معتمداً على المناهج الدينية والطائفية والعنصرية ويخدم الهدف السياسي الفاسد، وأصبح المنتوج السينمائي والمسرحي والأدبي يخطط لثقافة الإقصاء والعنف والتخندق الديني والمذهبي والعنصري مما زاد من فرص إندلاع الحروب والإقتتال بين الدول والجماعات.
الإعلام العصري لايهتم كثيراً بالعلوم المادية والإنسانية النافعة
وفي العقود الأخيرة حدث تدنياً ملحوظاً في مستويات الإهتمام بالأخبار العلمية والتربوية والثقافية نتيجة السياسات الفاسدة للحكام، وسبب ظهور توجهات حادة في ثقافات المجتمعات تجسّدت في تنمية مظاهر العنف والانحرافات الجنسية وقصص المغامرات، وتنامي أعداد فرق العصابات، وانتشرت الروايات والقصص الخرافية تحت مسميات الخيال العلمي المبطّنة بكثير من مظاهر الفساد والسِحر والدجّل والشعوذة واَلحَقَ ذلك الضرر بذوق المواطن العادي وفي أوساط المراهقين من الشباب.
شيوع مختلف أنواع الفساد
ومن مظاهر الفساد في هذا العصر عدم اكتراث الحكام بحقوق الإنسان، ومايتعرض له الناس من ضياع لثرواتهم ومصالحهم وحقوقهم الدستورية ماداموا هم وعوائلهم وحاشيتهم ينعمون بالعيش الرغيد.
حاجة الدول إلى إعلام يهتم بإظهار عظمة الخالق
كما أن الإعلام اليوم لايهتم بتعظيم الخالق وتنمية الحياة الروحية، ولايبدي إهتماماً بالعلاقة بين الخالق والمخلوق، ولقد أثرت هذه النزعة المادية البحتة في تغيير الكثير من المسارات الإنسانية ونتج عن ذلك تصاعد في نسب الجرائم وحوادث القتل والإعتداء،وأدى ذلك ايضاً الى تزايد نسب الإقتتال بين الشعوب والجماعات.
خاتمة
وفي الختام نوجه ندائنا الى جميع شعوب العالم، وحكام الدول، وكافة الإعلاميين، والفنانين الى ضرورة تحمل المسؤولية، والعمل على إيقاف كافة التوجهات الخاطئة التي تكرس لحالات الإقصاء، والتي تعمل على زرع بذور الفتن وتفرق الناس، وتزيد من همومهم، وندعوهم الى إنتهاج طريق الإصلاح والمساهمة في عمليات التنمية والبناء لخدمة أوطانهم وأن يعملوا على سعادة شعوبهم وتوفير العيش الكريم لهم دون النظر الى الإختلاف في الدين والمذهب أوالعرق، وأن يراعوا الله والناس ويضعوا نصب أعينهم مصالح شعوبهم كما يراعوا مصالحهم والله ولي التوفيق.