كيف يخترق الرأس الحربي للصاروخ تدريع الدبابة تعتبر الشحنة المشكلة
Shaped Charge ، التي تعرف أيضاً بأسماء الشحنة الجوفاء
Hollow Charge وشديدة الانفجار المضادة للدبابات
HEAT ، الشحنة الانفجارية القياسية لمعظم الرؤوس الحربية في الصواريخ
والمقذوفات والألغام والذخيرة الفرعية المضادة للدروع ، التي تنحدر في آلية
عملها ضمن مفهوم أسلحة الطاقة الكيميائية
CE . هي ببساطة وسيلة لدحر واختراق الدروع أو أهداف أخرى قاسية ، عن طريق تركيز تأثير طاقة المادة المتفجرة
explosive's energy وليس عن طريق الحرارة الشديدة كما يظن البعض خطأ نتيجة مختصر مصطلح
HEAT ، بل أن درجات الحرارة المرتفعة تتولد أثناء عملية الاختراق ذاته .
هذا
ويقدر الخبراء قدرات الاختراق للأنواع الحديثة من هذه الرؤوس الحربية بنحو
6-8 مرات من قطر مخروط المستخدم ، أو أكثر من ذلك مع تنامي الفهم السليم
لآلية تشكيل النفاث . فتقنيات الشحنة المشكلة هذبت وأحكمت بالدقة والإتقان
من خلال التقنيات التجريبية المبتكرة ، كالتصوير الفوتوغرافي عالي السرعة ،
والتصوير الإشعاعي الومضي
Flash radiography ، ناهيك عن التقدم الآخر المتحقق في تكنولوجيا أنظمة الحاسوب ، التي سهلت تقليد ومحاكاة أنماط الانهيار
collapse وتشكل ونمو كتلة النفاث وبطانة التجويف الداخلي للشحنة .
إن
اختراق الدروع بهذا النوع من الرؤوس الحربية يعتمد على العديد من العوامل ،
مثل مسافة المباعدة ، زاوية المخروط ونوع المادة المتفجرة ، قطر وسماكة
البطانة المعدنية .. والثابت أن عمق الاختراق في هذا النوع من الرؤوس
الحربية لا يتأثر بالمدى أو بسرعة الهدف . وبينما تبدو قضية الاختراق
penetration مهمة
جداً ، فإنها ليست الاعتبار الرئيس والأوحد ، حيث يبرز تأثير الأضرار
والأعطال خلف دروع الهدف كعامل أكثر أهمية للإنجاز . وعند هذه الجزئية ،
يمكن القول أن تحقيق أضرار الشحنات المشكلة خلف صفائح التدريع يتم بثلاثة
طرق ، فهي إما أن تكون متحققة بإصابات النفاث نفسه ، أو بالتشظية والأجزاء
المتفتتة ، أو بالتأثير النفسي والفسيولوجي العضوي تجاه الطاقم ، كالضغط
ودرجة الحرارة والوميض والأدخنة ..
النفاث
بعد الاختراق ، سيدمر أي شيء في طريقه ، لكن بسبب ضيق قطره النافذ ، فإن
فرصته في ضرب أي شيء داخل الدبابة قليلة نسبياً . في الحقيقة فإن تأثير
الخطورة الرئيس والمهم يأتي من عامل التشظية والتجزؤ . فمع ثقب الخروج
الأوسع في صفيحة الدرع الداخلي للدبابة ، تتشكل الشظايا الأكثر والأعظم
خطورة ، حيث تقيم مستويات الخطورة للشحنات المشكلة
Shaped Charge في أغلب الأحيان على أساس قطر فتحة النفاذ الداخلية . وبشكل عام فإن قطر
النفاث الأضيق ، سيكون الأعظم في الاختراق ، لكن الأقل خطورة وتأثير في نفس
الوقت . والعكس بالعكس مع قطر النفاث الأوسع ، الذي سيكون الأعظم في
الخطورة لكن مع قابلية اختراق أقل ، وعند هذه الحدود ، فإن على مصمم رأس
الشحنة المشكلة التوفيق والمفاضلة بين هذه العوامل المتعارضة .
عملية تكون النفاث بالصور التوضيحيةصاعق التفجير في مؤخرة حاوية الرأس الحربي يتولى عملية إيقاد وإشعال المادة المتفجرة .جميع الطاقة الكيميائية المخزنة في المادة المتفجرة ، تتحول إلى موجة كروية خارجية متكاثرة وضغوط مرتفعة جداً .وصول
موجات الضغط وموجة الانفجار وتقدمها على طول محور التناظر ، لتغمر بطانة
التجويف ، وتقود نحو تحطيم وسحق البطانة المعدنية الداخلية في التجويف
وعصرها لتبدو كمائدة سائلة لزجة viscid fluid (رغم إنها ليست كذلك) .عند
مرحلة الانهيار ، تبلغ مادة البطانة نقطة الخضوع yield point ، بحيث تبدأ
مادتها تحت تأثير الإجهاد والضغط المتنامي بالتشوه لدائنياً لتشكيل النفاث
والاندفاع نحو محورها المركزي . هذه العملية أو الظاهرة التي تدعى "التدفق
الهايدروديناميكي" hydrodynamic flow .هذا
ما نحصل عليه بعد إنهيار البطانة المعدنية وكما نشاهد من اليسار لليمين
تحرك كتلة النفاث المقسمة لثلاثة أجزاء هي رأس النفاث وعنقه وكتلته .عملية ثقب الهدف بالرسوم التوضيحية رأس
النفاث الذي ينشأ عن الطبقة الأعمق للمبطن ، أو نحو 15-20% من سماكته ،
يضرب صفيحة التدريع بسرعة عالية جداً ، تبلغ نحو 9000-10000 م/ث .يمارس النفاث السريع قوى طاردة جانبية لمادة الصفيحة نتيجة الضغوط
عالية القوة . حيث يستطيع هذا الجزء من النفاث بلوغ سرعته القصوى خلال نحو
40 مايكرو/ثانية فقط (40 جزء من مليون جزء من الثانية) بعد مرحلة الانفجار
، بحيث يوفر تعجيل لرأس المخروط يبلغ نحو 25 مليون G .تبدأ
عملية استهلاك طاقة النفاث من بدء تكون حفرة في كتلة التصفيح . وعندما
يضرب رأس النفاث مادة الهدف فإن الضغط الذي يمارسه رأس النفاث على الحفرة
المشكلة على جسم الهدف يمكن أن يبلغ 10,000,000 من الضغط الجوي .يزداد
عمق الثقب المنتج وتبدأ طاقة النفاث أكثر فأكثر في الإنخفاض . إن المادة
في أقصى مقدمة النفاث تفرض عملية شبه تآكلية erosion-like ، بحيث يستمر
تآكل الهدف حتى استهلاك واستنفاذ جميع مادة النفاث ، وتجبر مادة الهدف
للتدفق لدائنياً خارج طريق ومسار النفاث .مع
إستهلاك كامل طاقة النفاث وتزايد عمق الثقب ، تتوقف عملية الإختراق (أحد
الأمور المدهشة هنا أن الحرارة لا تلعب أي دور تقريباً في الاختراق ، حيث
أنه ببساطة لا وقت لانتقال الحرارة ، لأن العملية بكاملها من الإيقاد وحتى
الاختراق تتم خلال 150 جزء من المليون من الثانية ، أو 150/1000,000 ثانية)
.